ملخص نازلة الأراضي السلالية لجماعة أولاد بوبكر الأصيلة
لقد ظلت الجماعة السلالية لأولاد بوبكر
التابعة للجماعة القروية لأولاد أكناو، قيادة أولاد أمبارك إقليم بني ملال، تستغل
أراضها الجماعية أباً عن جد تبعاً لما جرت به التقاليد القائمة بالبلاد، رعياً وزراعةً بصفة دائمة ومستمرة
وبدون أي منازع مند قدوم جدهم أبي بكر حفيد المولى ادريس للمنطقة المذكورة إلى
حدود أواسط العقد الثاني من القرن الماضي، تاريخ تنصيب أحد باشوات الإستعمار
المدعوا الباشا بوجمعة المسفيوي على منطقة بني ملال و أحوازها،
وبعد أن بسط الباشا المذكور سلطته ونفوذه على المنطقة بمباركة سلطات الإستعمار
آنذاك، أثارت إهتمامه أراضي جموع أولاد بوبكر التي كانت من أخصب الأراضي الزراعية،
إضافة إلى كونها من أقدم المناطق السقوية إذ كانت تسقى بـ "واد داي"
النابع قرب مدينة بني ملال، ونظراً لِما رأى الباشا المذكور لهذه الأراضي من
مستقبل زاهر، شرع في الإستيلاء عليها شيئاً
فشيئاً مستعملا جميع الوسائل من تحايل وترهيب وإعتقال وتعذيب وما إلى ذلك من وسائل
القهر والجبروت حتى أتى عليها بأكملها؛
ثم نصب أعوانه وبعض أفراد عائلته الموالين له للحرص عليها بالقوة تاركاً لذوي الحقوق الأصليين فقط جزءاً من أحواز الدواوير التي يقطنون بها إلى اليوم.
ثم نصب أعوانه وبعض أفراد عائلته الموالين له للحرص عليها بالقوة تاركاً لذوي الحقوق الأصليين فقط جزءاً من أحواز الدواوير التي يقطنون بها إلى اليوم.
هذا مع العلم أنه بتاريخ 10جمادى الأولى،
موافق 19 يوليوز 1937 صدر بالجريدة الرسمية رقم 1299 مؤرخة في 17 شتنبر 1937
الظهير الشريف الذي بموجبه قرر المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله
ثراه، منح أراضي المخزن لقبيلة آيت الربع التي تنتمي إليها قبيلة أولاد بوبكر،
وإثر ذلك قررت السلطات المختصة إنجاز عملية التحديد الإداري للأراضي الممنوحة قصد
ضبط وضعيتها، إلا أن الباشا بوجمعة المسفيوي، حماية منه لمصالحه وضمانا لاستمرار
إستغلاله للأراضي التي إستولى عليها، تدخل لدى
سلطات الحماية وبتواطؤ بين الطرفين، تم إلغاء قرار التحديد هذا بالنسبة لأراضي
أولاد بوبكر سنة 1939، وبذلك استثنيت أراضي أولاد بوبكر من عملية التحديد الإداري
من بين كافة الجماعات السلالية المجاورة، وبالتالي تحقق للباشا المذكور مبتغاه.
ومع مطلع الخمسينات من القرن الماضي الذي صادف بناء "سد بن الويدان" الذي يسقي اليوم المنطقة، تقرر إنجاز عملية ضم الأراضي بالمنطقة المصطلح عليها لدى المصالح الطبوغرافية بـ "Secetur Beni Mella" هذا الضم الذي ظل غير مصادق عليه الى يومنا هذا ومرة أخرى، إغتنمها الباشا بوجمعة فرصة وأنعم على نفسه بضم جل أراضي جموع أولاد بوبكر بإسمه الخاص، في فترة من أكلح فترات تاريخ المغرب المعاصر، كانت فيه الجماعة السلالية لأولاد بوبكر- شأنها شأن المغاربة الأوفياء للعرش العلوي المجيد - كانت تحت وقع هول الصدمة الكبرى التي خلفتها فعلة السلطات الإستعمارية الغاشمة بإقدامها على نفي أب الأمة ورمز وحدتها المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، وكذا أفراد عائلته الشريفة.
بعد وفاة الباشا بوجمعة المسفيوي تقدم ورثته من بعده بمطالب تحفيظ الأراضي الجماعية المغتصبة بناء على رسم تركة تقسموها فيما بينهم، كما تقدم بعض أعوان الباشا الهالك كذلك بمطالبهم إضافة إلى ثلاثة معمرين فرنسيين كانوا يستغلون قطعا من الأراضي المذكورة (وحددت المساحة الإجمالية لهذه الأراضي بما يناهز 1800 هكتار)، وتظهر هذه المعلومات جليا من خلال لائحة مطالب التحفيظ المستخرجة من المحافظة العقارية ببني ملال.
وبعد نهاية عهد الحجر والحماية، تقدمت الجماعة السلالية في شخص نوابها آنذاك بتعرض ضد مسطرة تحفيظ المطالب المذكورة سنة 1958، كما قام نواب الجماعة بتقديم العديد من الشكايات في هذا الصدد إلى السلطات الإقليمية والمركزية وقاموا بزيارة بعض المصالح الإدارية وقابلوا في هذا الشأن جميع السادة عمال صاحب الجلالة الذين تعاقبوا على إقليم بني ملال، وإبتداءاً من سنة 1999 جددت الجماعة السلالية نوابها - نظراً لوفاة أوعجز القدامى - فقام هؤلاء بتحركات على صعيد السلطات المحلية والإقليمية و المركزية مما جعل الملف يعرف بعض المستجدات.
ذلك أن مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية تبنت الملف من جديد فاستطاعت أن تـُوْفد لجنتين على التوالي إلى عين المكان، الأولى سنة 2000 والثانية سنة 2001 حيث تم إستدعاء طرفي النزاع، وبعد التقصي تأكد أن المستغلين الحاليين وكذا طالبي التحفيظ الأصليين لايتوفرون على الحجج القانونية التي تخول لهم إستغلال الأراضي الجماعية التي بين أيدهم، هذا مع العلم أن جل طالبي التحفيظ ليسوا هم الذين يستغلون الأرض حالياً، نظراً لأن عدداً من ورثة الباشا بوجمعة قد فوتوا الأرض لخواص أجانب عن الجماعة السلالية مما ترتب عنه تفويت بعض العقارات عدة مرات من يد إلى أخرى بطرق لا يعلمها إلا المستفيدين من هذه العملية.
وبعد التأكد من هذه الحقائق، قررت وزارة الداخلية - بصفتها السلطة الوصية على أراضي الجموع – قررت مساندة تعرض الجماعة السلالية ضد مطالب التحفيظ المقدمة بالمحافظة العقارية ببني ملال، وهكذا تم إخبار كل من عمالة بني ملال، والمحافظة العقارية بهذا القرار بواسطة رسالة في الموضوع.
وبطلب من الجماعة السلالية راسلت مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية عمالة بني ملال قصد مباشرة إنجاز عملية التحديد الإداري لأراضي جموع أولاد بوبكر كما سبق أن أنجز لفائدة جميع الجماعات السلالية المجاورة، حتى يتسنى للعدالة البث في هذه النازلة، الا أن السيد والي جهة تادلة-أزيلال وعامل إقليم بني ملال السابق "حنان"، بعد التماطل والتسويق، فاجأ الجماعة السلالية في آخر المطاف بموقفه الرافض لعملية التحديد الإداري، وبعد انتظار طويل، إقترحت الجماعة السلالية على الوزارة الوصية الإشراف على حل للنازلة في إطار الحوار الحضاري المباشر والتفاوض والتراضي بين أطراف النزاع (وتدل جميع المؤشرات في الساحة أن هذا أمر ممكن) لكن لما راسلت مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية السيد الوالي في هذا الشأن تملص منه.
وبعد قبوله إستقبال بعض ممثلي الجماعة
السلالية الذين جاؤوا قصد التشاور معه حول هذا الإقتراح، أغلظ عليهم القول وطردهم
وهددهم بألا يقفوا أمام مكتبه أبداً وأن لا حل لديه لهذه النازلة، مما جعل أفراد
الجماعة السلالية يتعرضون لصدمة نفسية عميقة بعدما برق لهم بصيص من الأمل بفضل ما
قامت به لصالحهم مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية، هذا الأمل الذي ما لبث أن
أنطفأ نوره فجأةً بسبب موقف السيد الوالي الذي كان المنتظر منه أن يساند الجماعة
السلالية بصفته الوصي الإقليمي على مصالحها وأن يدافع عن حقوقها وأن يعطي لمفهوم
السلطة الجديد دلالته الحقيقية كما (يريده جلالة الملك نصره الله وأيده لشعبه، في
إطار دولة الحق والقانون التي ما فتئ جلالته على تأكد قواعدها في كل وقت وحين
وبجميع أنحاء مملكته السعيدة.)
ومما يثير الإستغراب أن السيد الوالي على علم
بأن الجماعة القروية التي تنتمي إليها الجماعة السلالية لأولاد بوبكر من أفقر
الجماعات رغم غنى المنطقة بفلاحتها، ذلك أن الأقلية التي أستفادت وتستفيد من
إستغلال الأرض لا هَمَّ لها سوى مصالحها الذاتية.
فلو أن السيد الوالي سعى إلى حل هذه النازلة
بتنسيق مع مديرية الشؤون القروية بالمصالح المركزية ورجعت الأراضي إلى وضعها
الأصلي لاستفادت المنطقة بأكملها بخلق إستثمارات جماعية يراعي فيها الصالح العام
ولـَتـَم إيجاد الشغل للشباب العاطل بالمنطقة ولأستغنى هذا الشباب عن الإقدام على
الهجرة بشقيها الداخلي والخارجي ولا غامر بمستقبله، لكن السيد الوالي أعرض عن كل
هذا وفضل تجميد الملف إلى أجل غير مسمى.
لهذه الأسباب نلتمس من حضرة صاحب الجلالة مد يد العون
والمساعدة من أجل إنقاد الجماعة السلالية، وأملنا فيكم كبير يامولاي أميرالمؤمنين
في مساعدتنا أعزكم الله وسدد خطاكم وأن يديم النصر المكين لسيدنا المنصور بالله
رائد الأمة وقائدها الملهم جلالة الملك حامي حمى الوطن والدين وأن يمد في عمره
ويحقق له الفتح المبين وجعل على يده كل خير لبلده و للإسلام و المسلمين وأقر الله
عين جلالته مولاي الحسن المجد والأمير المجيد مولاي الرشيد وحفظه في كافة أفراد
أسرته والملكية الشريفة إنه سميع مجيب.
مدونة اولاد بوبكر للجماعة السلالية
www.ouledboubker.blogspot.com
إرسال تعليق